ساعدنیوز: المسلسل الیابانی «سنوات الغربه» الذی بُثّ فی ثمانینیات القرن الماضی عبر هیئه الإذاعه والتلفزیون فی الجمهوریه الإسلامیه، یُعدّ من المسلسلات المحبوبه والحنینیه لدى العائلات الإیرانیه.
تقریر خاص - قسم السیاسه فی موقع ساعد نیوز:
کتبت صحیفه کیهان: إن المساحه الشرقیه والتقلیدیه فی جزء مهم من مسلسل "سنوات الضیاع" (أوشین) کانت قریبه جدًا من الثقافه الإیرانیه، ولهذا السبب تفاعلَت معظم العائلات الإیرانیه مع هذا العمل الفنی، وبقیت بصماته وتأثیره فی أذهان وحیاه بعض الإیرانیین لعقود طویله.
یمثل قسم کبیر من المسلسل تصویرًا للمجتمع الیابانی التقلیدی، لکن مع مرور الوقت، وتحدیدًا عندما یبدأ "هیتوشی" (ابن أوشین) بالسعی لاستخدام أسالیب جدیده فی التجاره، تبدأ ملامح التغییر فی المسلسل بالظهور. ففی البدایه، تعارض أوشین رغبه ابنها فی الاتجاه نحو الأسالیب الحدیثه، لکنها مع الوقت تضطر إلى قبول وجهه نظره.
یسعى هیتوشی إلى إنشاء متاجر سلسله، وبعد موافقه والدته، یفتتح أول متجر له. یختلف متجره فی هیکلیته وطریقه الدفع والتحصیل عن متجر والدته التقلیدی. وکانت أرباحه أکبر وأعماله أکثر ازدهارًا. ومن ثم، بدأ بتوسیع فروع متاجره تدریجیًا.
ومع تراکم الأرباح والثروات، یتحول هیتوشی إلى رجل أعمال کبیر. وفی هذه الأثناء، نلاحظ کیف أن أخلاق أوشین بدأت تتغیر. تلک المرأه المعروفه بالتضحیه والتسامح، لم تعد تشعر بالأسى عندما تتأثر أعمال التجار الصغار سلبًا بسبب توسع متاجر ابنها، بل باتت تدعو إلى الحزم والشده فی التعامل مع الآخرین.
یمثل هیتوشی رمزًا للرأسمالیه والانتهازیه فی المجتمع الیابانی الجدید المیال نحو الغرب، حیث یتجاوز العقبات واحدًا تلو الآخر من أجل زیاده ثروته وشهرته، ویستمر فی النجاح حتى نهایه المسلسل، الذی ینتهی بانتصاره. بل إنه استطاع أیضًا تغییر أخلاق والدته.
لقد ساهمت المتاجر السلسلیه فی تدمیر المحلات التجاریه الصغیره، وفرضت هیمنه المال والثروه على السوق. ورافق هذا التحول تغیّرًا فی نظره الأفراد إلى بعضهم البعض، إذ أصبح أصحاب رؤوس الأموال یرون أنفسهم أحقَّ، دون أن یشعروا بالمسؤولیه تجاه التجار البسطاء، ولا یُبدون أی ندم على إفلاسهم. من جهه أخرى، دفعت هذه المتاجر المجتمع نحو مزید من الاستهلاک المفرط.
ویمکن القول إن أحد أبرز تجلیات هذا المسلسل هو ترویجه وتشجیعه لفکره المتاجر السلسلیه. حتى إنه بعد سنوات قلیله من بث مسلسل أوشین، تم افتتاح أول متجر سلسله "رفاه" فی إیران فی شتاء عام 1994 على ید الرئیس الإیرانی آنذاک، مما مهّد الطریق لظهور عدد هائل من هذه المتاجر فی البلاد، التی جعلت الربح هدفها الأساسی وروّجت لثقافه الاستهلاک.
فی المقابل، کانت الأسواق التقلیدیه فی إیران ترکّز على مصالح الزبائن، من خلال توفیر منتجات ذات جوده أفضل وتکلفه أقل، وتُشجّع طبیعیًا على ترشید الاستهلاک. لذلک، یُمکن اعتبار أن أحد التأثیرات الجوهریه لهذا المسلسل على المجتمع الإیرانی هو تمهیده لنشر ثقافه الاستهلاک والرأسمالیه.