ساعدنیوز: سیعقد حلف شمال الأطلسی (الناتو) مشاورات عاجله بعد أن اتهمت إستونیا مقاتلات روسیه بانتهاک مجالها الجوی. وأثارت هذه الحادثه مخاوف من تصعید فی أوروبا، مع دعوات لتعزیز الدفاع الجوی.
وفقا لوکاله ساعد نیوز، أکد حلف شمال الأطلسی (الناتو) أنه سیعقد اجتماعًا مطلع الأسبوع المقبل بناءً على طلب إستونیا، بعد أن أعلنت تالین دخول ثلاث مقاتلات روسیه أجواءها دون إذن. واعتبرت الحکومه الإستونیه الحادث تهدیدًا مباشرًا لسیادتها واستقرار المنطقه، مما دفعها لتفعیل الماده الرابعه من میثاق الحلف.
وبحسب السلطات الإستونیه، اعترضت طائرات تابعه للناتو المقاتلات الروسیه قبل مغادرتها المجال الجوی للبلاد. فیما نفت موسکو صحه الاتهامات، ووصفتها بأنها "لا أساس لها".
أثارت المخاوف أکثر بعدما أعلنت بولندا عن حادث منفصل بعد ساعات من الواقعه الأولى. إذ ذکرت وارسو أن مقاتلتین روسیتین حلّقتا على ارتفاع منخفض فوق منصه نفطیه فی بحر البلطیق، وانتهکتا نطاقها الأمنی. ورغم عدم وقوع أضرار، وُصف التصرف بالاستفزازی والمزعزع للاستقرار.
وقوع حادثتین فی یوم واحد عزز القلق من أن موسکو تمارس سیاسه "حافه الهاویه" لاختبار استعداد الحلف وردّه.
طلب إستونیا للتشاور بموجب الماده الرابعه یُعد خطوه مهمه. فهذه الماده لا تُفعل إلا فی حالات نادره، عندما ترى دوله عضو أن سلامتها أو استقلالها السیاسی أو أمنها مهدد.
فی السابق، لجأت دول مثل ترکیا وبولندا إلى الماده الرابعه فی لحظات توتر حاد. ما یشیر إلى أن إستونیا تعتبر الحادث لیس مجرد واقعه معزوله، بل مؤشراً على خطر أکبر.
فی خضم هذه التطورات، دعا مانفرد ویبر، زعیم حزب الشعب الأوروبی فی البرلمان الأوروبی، إلى "بناء منظومه دفاع جوی أوروبیه قویه وموحده". مؤکدًا أن أوروبا یجب أن تقلل اعتمادها على الولایات المتحده وتطور استراتیجیتها المشترکه لمواجهه التهدیدات الجویه.
وأضاف: "أمن إستونیا وبولندا وأی عضو فی الناتو هو أمن أوروبا کلها. تصرفات روسیا تؤکد مجددًا أن الردع والدفاع لا یمکن اعتباره أمرًا مفروغًا منه."
یرى محللون أن الانتهاکات الجویه الروسیه المزعومه تخدم أهدافًا عده. فمن جهه، تختبر سرعه رد فعل الناتو. ومن جهه أخرى، توجه رساله لدول البلطیق وأوروبا الشرقیه بأن موسکو قادره على فرض نفوذها متى شاءت.
وقالت الدکتوره کریستی رایک، الخبیره فی شؤون أمن البلطیق: "هذا ضغط هجین بامتیاز. فروسیا تمزج بین التضلیل والاستفزازات العسکریه والرسائل السیاسیه لزعزعه استقرار جیرانها."
تأتی هذه الحوادث فی وقت تشهد فیه العلاقات بین روسیا والغرب جمودًا عمیقًا، وسط تبادل الاتهامات بالعدوان وزعزعه الاستقرار.
تحدی الناتو یکمن فی الموازنه بین الردع وتفادی التصعید. فالتصعید العسکری المباشر قد یؤدی إلى مواجهه مفتوحه، بینما الرد الضعیف قد یشجع موسکو على المزید من الانتهاکات.
بالنسبه لإستونیا وبولندا ودول الخطوط الأمامیه، سیکون رد الناتو بمثابه اختبار لمصداقیه الحلف. أما الدول الغربیه، فقد تفضل ضبط النفس مع تعزیز الردع، ما قد یخلق فجوه فی الرؤى داخل الحلف.
من المتوقع أن یصدر عن اجتماع مجلس الناتو بیان موحد یدین الانتهاکات، ویعلن عن تعزیز الدوریات الجویه فوق منطقه البلطیق. لکن یبقى السؤال: هل سیکفی ذلک لردع موسکو؟
حتى إشعار آخر، تبقى أجواء البلطیق مرشحه لمزید من التوتر، على بعد خطوه واحده فقط من أزمه قد تعید رسم خریطه الأمن الأوروبی فی عام 2025.