ساعدنیوز: کلما تعرّض الطفل للضرب الجسدی أکثر، زاد خطر العدوان والأضرار العاطفیه.
بالاعتماد على خدمه الأسره فی ساعدنیوز واستنادًا إلى مردومان، یُعد العقاب البدنی وسیله تؤدی بلا شک إلى الامتثال الفوری للأطفال. ومع ذلک، یمکن اعتباره أیضًا شکلًا من أشکال الإساءه الجسدیه. فهل یجب على الآباء معاقبه أطفالهم، أم ینبغی حظر ذلک تمامًا؟
فی بعض العائلات، یُستخدم العقاب البدنی بشکل متکرر کأداه للانضباط. وهذه القضیه کانت دائمًا موضوع نقاش داخل الأوساط النفسیه والاجتماعیه. یعتقد بعض علماء نفس الطفل أن العقاب البدنی یعیق التطور الجسدی والعاطفی للأطفال. فی دراسه شامله شملت 88 دراسه حاله متنوعه، قامت الدکتوره إلیزابیث طومسون جیرشوف، أخصائیه علم النفس ومدیره مرکز جامعه کولومبیا لدعم الأطفال الیتامى، بفحص الجوانب الإیجابیه والسلبیه للعقاب البدنی. وقد نُشرت نتائجها، إلى جانب تقاریر مختلفه، فی المجله الأمریکیه للأبحاث النفسیه فی یولیو 2007.

رکزت هذه الدراسه التی استمرت 62 عامًا على العلاقه بین استخدام الآباء للعقاب البدنی وسلوکیات الأطفال وتجاربهم. وتم تحلیل الامتثال الفوری، والقیم الأخلاقیه المستبطنه، وجوده العلاقه بین الوالدین والطفل، والأضرار الجسدیه الناتجه عن العقاب، سواء أثناء الطفوله أو فی مرحله البلوغ. کما شملت الدراسه عوامل إضافیه مثل الصحه النفسیه، العدوانیه، والسلوکیات المنحرفه أو المعادیه للمجتمع فی مرحله المراهقه. وتقییم حالات تعرض الأطفال أو الأزواج للعقاب البدنی حینما کان الأفراد أنفسهم قد تعرضوا له فی طفولتهم.
وجدت جیرشوف وجود ارتباط قوی بین العقاب البدنی والتطور العاطفی والأخلاقی لجمیع الأطفال الذین تعرضوا له، حیث أظهر حوالی 90٪ منهم سلوکیات عدوانیه ومعادیه للمجتمع. أما التأثیر المباشر الوحید للعقاب البدنی فکان الامتثال الفوری لرغبات الوالدین.
تنقسم النتائج الرئیسیه لهذا النوع من الانضباط إلى جانبین: الامتثال السریع للطفل والأذى الجسدی الناتج عنه. وتشیر جیرشوف إلى أن هذه النتائج تؤکد على تعقید جدلیه العقاب البدنی.
تکتب جیرشوف فی تقاریرها:
"تتصاعد الجدل حول العقاب البدنی عند النظر إلى الأذى الجسدی الذی یلحق بالأطفال، بجانب امتثالهم الفوری لمطالب الوالدین. فالإجماع العام یرى أن العقاب البدنی یدفع الأطفال بسرعه إلى الامتثال، لکن الأذى الجسدی الناتج عنه لا یمکن تجاهله. وهذا الأذى یشکل شکلًا من أشکال إساءه الوالدین للطفل."
وفی الوقت نفسه، تشیر جیرشوف إلى أن لیس کل الأطفال الذین یتعرضون للعقاب البدنی یصبحون عدوانیین کبالغین، ولا یرتکب جمیعهم جرائم. فهناک عوامل بیئیه عدیده، مثل العلاقه بین الوالد والطفل، قد تخفف من آثار هذا الانضباط. ومع ذلک، یبقى تقییم جمیع العوامل المؤثره، بما فی ذلک تقاریر الوالدین وتعریفاتهم للعقاب التقلیدی، أمرًا صعبًا.
وتخلص جیرشوف إلى القول:
"تتباین آثار العقاب البدنی بین الأسر بحسب تکراره، شدته، شده المشاعر أثناء العقاب، وما إذا کان مصحوبًا بطرق انضباطیه أخرى. فظروف مختلفه تنتج نتائج ومشکلات مختلفه."
تشیر الأبحاث إلى أن کل من تکرار العقاب وشدته عاملان حاسمان، فکلما تعرض الطفل للضرب بشکل متکرر وأشد، زادت احتمالیه تصاعد سلوکیات العدوانیه، وارتفع خطر السلوکیات المنحرفه والمشکلات النفسیه.
ورغم أن الدراسه ترکز على العلاقه بین العقاب البدنی وسلوک الطفل، إلا أنها تسلط الضوء أیضًا على النتائج السلبیه المحتمله. فقد یمنع العقاب البدنی الأطفال من التمییز بین الصواب والخطأ، وقد یؤدی الخوف الناتج عنه إلى طاعه الطفل أمام الوالدین فقط، بینما قد ینخرط فی سلوکیات غیر مناسبه عند غیابهم.

وعلق الدکتور جورج هولدن من جامعه تکساس فی أوستن على دراسات جیرشوف قائلاً:
"استنادًا إلى النتائج الواسعه لجیرشوف، فإن العقاب البدنی لیس فعالًا فحسب، بل یمکن أن یسبب ضررًا لا یُصلح. ولا ینبغی لأوساط علم النفس أبدًا اعتماد العقاب الجسدی کوسیله لتأدیب الطفل."
ویجادل بعض الباحثین بأن أعمال جیرشوف ترکز على أشکال العقاب القصوى، مما یصعب استنتاج تأثیر العقاب المعتدل أو المقبول اجتماعیًا.
ویشیر باحثون آخرون إلى أن بعض الآباء، عند تأدیب أطفالهم، قد یفقدون السیطره بسبب الضغوط العاطفیه ویؤدون إلى إیذاء غیر مقصود. لذا یُنصح الآباء الذین لا یستطیعون الحفاظ على التوازن العاطفی بتجنب العقاب البدنی، إذ یحمل فی الغالب عواقب سلبیه. ومع ذلک، یبقى الجدل حول ما إذا کان ینبغی استخدام العقاب البدنی فی العائلات، ولیس فقط حول إسراف بعض الآباء.
ویشیر الباحثون أیضًا إلى أن الآباء غالبًا ما یترددون فی الإبلاغ عن العقوبات الشدیده التی یطبقونها، مما یصعّب جمع إحصاءات دقیقه حول أشکال العقاب البدنی القصوى.
حتى یتمکن الباحثون والخبراء والأهل من إثبات فوائد العقاب البدنی بشکل قاطع، حتى ولو افترضنا عدم وجود أضرار، لا یمکن للعلماء النفسیین التوصیه به کطریقه للانضباط. وفی الوقت نفسه، یجب توعیه الآباء بالمخاطر المحتمله للعقاب الجسدی.