ساعدنیوز: فشل الاتفاق النووی (برجام) نابع من رفض إیران للنظام الدولی القائم، وهو أمر یتجاوز مجرد تخصیب الیورانیوم. وبدون قبول هذا الافتراض الأساسی، تظل المفاوضات مع إیران غیر فعّاله إلى حد کبیر، وهشه وضیقه النطاق.
السبب الرئیسی لفشل الاتفاق النووی (برجام) هو أن مثل هذا الافتراض إما لم یکن موجوداً أو تم قبوله ضمنیاً؛ لکنه فی الواقع تم انتهاکه. وبعباره أخرى، لم تکن مشکله مجلس الأمن والغرب مقتصره على تخصیب الیورانیوم الإیرانی، بل کانت مع نهج إیران فی معارضه النظام الدولی ــ النظام الذی اعتبرته إیران غیر عادل وسعت إلى تغییره، وکان التخصیب یمکن أن یشکّل عنصراً مهماً فی هذا المسار من المواجهه مع النظام العالمی.
فعلى سبیل المثال، قامت الهند وباکستان، إضافه إلى التخصیب، بصناعه القنبله النوویه وتحمّلتا ضغوطاً قلیله، لأنهما أرادتا هذه القنبله لمواجهه بعضهما البعض، لا لإصلاح أو تقویض النظام العالمی. وکلا البلدین یعرّفان نفسیهما بدرجه أو بأخرى فی إطار النظام القائم.
الافتراض المسبق لأی حوار دولی هو قبول النظام العالمی القائم. هذا النظام قائم على میثاق الأمم المتحده، ووجود القوى الخمس التی تمتلک حق النقض (الفیتو)، واحترام الالتزام بقراراته الملزمه.
من الأفضل القول إنه یمکن رفض قراراته وعدم قبولها، ولکن لا یمکن معارضتها عملیاً.
إن حوار إیران مع أوروبا والولایات المتحده وحتى الصین وروسیا، إذا کان قائماً على قبول هذا الافتراض، سیکون منطقیاً مثمراً. وقد تأتی النتائج عاجلاً أو آجلاً، لکنها حتمیه.
إن مضمون الاتفاق تحدّده قوه الأطراف والمنطق السائد فی هذا النظام. وإلا فإن أی بدایه لأی حوار لن تؤدی إلا إلى إضاعه الوقت أو إلى إنجازات مؤقته ومحدوده. ما نفهمه الآن من السیاسه الخارجیه الإیرانیه هو أن هذا الافتراض لم یُقبل بعد. وبالتالی فإن الحوارات غیر مجدیه، وحتى فی حال التوصل إلى اتفاق محتمل، فسیکون هشّاً للغایه وضیّق النطاق. ولا ینبغی إضاعه وقت الدوله والشعب.