ساعدنیوز: مع تصاعد الأزمه الإنسانیه فی غزه، فرضت إسرائیل لوائح جدیده تلزم المنظمات الدولیه بتقدیم معلومات حساسه عن موظفیها ومواردها المالیه، ما أدى فعلیًا إلى توقف إیصال المساعدات الحیویه لسکان المنطقه.
وفقًا لوکاله ساعد نیوز، نقلاً عن فرانس 24، تعیش غزه منذ زمن طویل تحت توترات سیاسیه وعسکریه شدیده بین إسرائیل والفصائل الفلسطینیه، وقد واجهت باستمرار أزمات إنسانیه متعدده. فقیود الحرکه، والحصار الاقتصادی، والهجمات العسکریه المتقطعه ترکت جزءًا کبیرًا من السکان یعتمد على المساعدات الدولیه. ووفقًا لتقاریر الأمم المتحده، فإن أکثر من ملیونی شخص فی غزه بحاجه ماسه إلى الغذاء والمساعده الطبیه والصحیه.
ونظرًا لعدم توفر جزء کبیر من الموارد الداخلیه لغزه بسبب القیود والعقوبات، تلعب المنظمات الإنسانیه دورًا حیویًا فی توفیر الاحتیاجات الأساسیه للسکان. على مر السنوات، قامت هذه المنظمات، عبر المعابر الحدودیه وبالتعاون مع الحکومات الإقلیمیه والدولیه، بتقدیم ملایین الدولارات من المساعدات الغذائیه والطبیه والبنیه التحتیه لمن هم فی حاجه إلیها.
القوانین الإسرائیلیه الجدیده وقیود إیصال المساعدات
منذ مارس 2025، فرضت إسرائیل لوائح جدیده على عمل المنظمات غیر الحکومیه الدولیه فی غزه. بموجب هذه القوانین، یُطلب من جمیع المنظمات تقدیم قائمه کامله بالموظفین الفلسطینیین، وتفاصیل الموردین المالیین، وحتى برامجها الداخلیه. ویزعم المسؤولون الإسرائیلیون أن هذا الإجراء یهدف إلى "زیاده الشفافیه ومنع إساءه استخدام الموارد".
ومع ذلک، صرحت المنظمات الدولیه، بما فی ذلک أوکسفام وأطباء بلا حدود وCARE، أن تقدیم هذه المعلومات الحساسه لا یعرض سلامه الموظفین والمستفیدین من المساعدات للخطر فحسب، بل ینتهک أیضًا المبادئ الإنسانیه وحیاد المنظمات. ومن مارس إلى یولیو 2025، تم رفض أکثر من 60 طلبًا لإیصال المساعدات إلى غزه من قبل هذه المنظمات، وتوقفت العدید من الشحنات فی مستودعات فی الأردن ومصر.
العواقب الإنسانیه للقیود
کان للقیود الإسرائیلیه الجدیده آثار فوریه ومباشره على صحه ومعیشه سکان غزه. فآلاف الأشخاص الضعفاء الذین کانوا یحصلون سابقًا على الغذاء والمساعدات الطبیه یواجهون الآن نقصًا حادًا. وأعلنت منظمه ANRA أن أکثر من 7 ملایین دولار من المساعدات الحیویه جاهزه للتسلیم، لکنها لا یمکن نقلها بسبب اللوائح الجدیده.
وحذر الخبراء من أن استمرار هذا الوضع قد یؤدی إلى أزمه إنسانیه واسعه النطاق. إن نقص الأدویه الأساسیه والمعدات الطبیه والغذاء—خصوصًا بین الأطفال وکبار السن—یزید من خطر الوفاه وانتشار الأمراض المعدیه. کما تفرض هذه الظروف ضغطًا نفسیًا واجتماعیًا واسع النطاق على سکان غزه، مما یزید من الاستیاء والتوترات الداخلیه.
ردود الفعل الدولیه
أدانت الأمم المتحده والاتحاد الأوروبی والهیئات الدولیه لحقوق الإنسان القیود الإسرائیلیه على إیصال المساعدات الإنسانیه إلى غزه. وصرح أنطونیو غوتیریش، الأمین العام للأمم المتحده، بأن أی ترتیب ینتهک المبادئ الإنسانیه وحقوق الإنسان غیر مقبول، ودعا إلى إعاده فتح المعابر الحدودیه فورًا لإیصال المساعدات.
کما أصدر الاتحاد الأوروبی بیانًا صحفیًا أشار فیه إلى أن هذه القیود قد تکون لها عواقب خطیره على استقرار المنطقه، وأن المجتمع الدولی یجب أن یتحرک بسرعه لحل الأزمه الإنسانیه. بالإضافه إلى ذلک، حذرت مجموعات حقوق الإنسان من أن إجراءات إسرائیل قد تُفسر على أنها انتهاکات للقانون الإنسانی الدولی، مما یخلق مسؤولیات قانونیه دولیه للسلطات التی تنفذ هذه القیود.
الأبعاد السیاسیه والأمنیه
لا تقتصر آثار القیود الجدیده على الجوانب الإنسانیه فقط؛ بل تحمل أیضًا تداعیات سیاسیه وأمنیه واسعه. یعتقد بعض المحللین أن إسرائیل، بفرض هذه القیود، تهدف إلى زیاده الضغط السیاسی على الفصائل الفلسطینیه والحکومات الإقلیمیه. وقد یُستخدم هذا الإجراء کأداه للتحکم فی تدفق المساعدات وتعزیز النفوذ السیاسی لإسرائیل فی المفاوضات المقبله.
من جهه أخرى، قد یؤدی تعلیق المساعدات الدولیه إلى زیاده التوترات والاستیاء بین سکان غزه، ما یخلق ظروفًا لمزید من العنف وعدم الاستقرار. ویحذر خبراء الأمن من أن استمرار الأزمه الإنسانیه سیؤثر بشکل کبیر على الأمن الإقلیمی وقد یؤدی إلى تصاعد الصراعات المحلیه والإقلیمیه.
التحلیل القانونی والإنسانی
من منظور القانون الدولی، قد تنتهک القیود المفروضه على أنشطه المنظمات الإنسانیه المبادئ الأساسیه لاتفاقیات جنیف واللوائح الدولیه المتعلقه بحمایه المدنیین فی مناطق النزاع. فالمبادئ الجوهریه للإنسانیه وحیاد المنظمات الدولیه تتطلب وصول المساعدات إلى المحتاجین دون عوائق.
وحذرت المنظمات غیر الحکومیه من أن استمرار القیود قد یکون له أثر معاکس، لیس فقط بتفاقم الوضع الإنسانی، بل أیضًا بالإضرار بمصداقیه المنظمات وثقه الجمهور فی المساعدات الدولیه. وقد یؤدی هذا الوضع أیضًا إلى تقلیص المساهمات والموارد المالیه العالمیه المخصصه لمساعده غزه.
الآفاق والحلول
نظرًا لشده الأزمه، یجب على المجتمع الدولی اتخاذ إجراءات فوریه ومنسقه لإعاده فتح المعابر وتسهیل إیصال المساعدات الإنسانیه. وتشمل الحلول المقترحه:
إنشاء آلیه شفافه وآمنه لتوصیل المساعدات دون الحاجه إلى الکشف عن المعلومات الحساسه حول الموظفین والمصادر المالیه.
ممارسه الضغط الدبلوماسی على إسرائیل لاحترام المبادئ الإنسانیه والقانون الدولی.
التعاون مع الدول الإقلیمیه لتسهیل مرور المساعدات عبر طرق بدیله وآمنه.
زیاده الموارد المالیه واللوجستیه للمنظمات غیر الحکومیه لمعالجه التأخیرات والنقص.
إذا تم تنفیذ هذه الإجراءات، سیکون من الممکن منع تفاقم الأزمه الإنسانیه وتحسین ظروف المعیشه لملایین الأشخاص فی غزه.