فلاحت‌بیشه فی مقابله حصریه مع "ساعد نیوز": المتطرفون فی الداخل وناقضو العهود فی الخارج وجهان لعمله واحده... الحرب هی من اغتالت قاده البلاد لا المفاوضات!

نقلاً عن موقع "ساعد نیوز"، قال الدکتور حشمت‌الله فلاحت‌بیشه، رئیس لجنه الأمن القومی والسیاسه الخارجیه فی الدوره العاشره لمجلس الشورى الإسلامی، فی مقابله حصریه مع مراسل ساعدنیوز بشأن التطورات السیاسیه الأخیره فی علاقات إیران مع أوروبا، مع الترکیز على مسأله "آلیه الزناد":

قبل عشر سنوات، وخلال ظهوری فی برنامج "الحوار الإخباری الخاص" فی وقت کانت فیه خطه العمل الشامله المشترکه (الاتفاق النووی) على وشک التوقیع، ورغم أننی لم أکن حینها أتولى أی منصب رسمی وشارکت فقط بصفتی خبیراً، وصفتُ حینها الـ"سناب باک" أو آلیه الزناد بأنها أکبر نقطه ضعف فی الاتفاق النووی.
المعنى العام لآلیه الزناد هو أنه إذا اتهم أی طرفٍ الطرف الآخر بانتهاک الاتفاق النووی، فإن الوضع یتطور عملیاً إلى إعاده فرض جمیع العقوبات المرتبطه بالقرارات السته الصادره عن مجلس الأمن خلال شهرین، وهذا بحد ذاته کان نقطه ضعف جوهریه.

وقد قلت فی حینه إنّ الطرف الإیرانی لو أصرّ على موقفه، بالنظر إلى حاجه إداره أوباما الماسه للتوصل إلى اتفاق، لکان من الممکن تعدیل هذا البند.

على أی حال، رأینا کیف تشکّلت سلسله من الظروف التی أدّت، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووی، إلى توفر فرصتین أساسیتین لإحیائه؛ الأولى فی السنه الأخیره من حکومه روحانی، والثانیه فی السنه الأولى من حکومه المرحوم رئیسی.

الفرصه الأولى ضاعت بسبب الخلافات السیاسیه الداخلیه، حیث سعى التیار المتطرف إلى منع خصومه من توقیع أی وثیقه. أما الفرصه الثانیه، فقد ضاعت بسبب حرب أوکرانیا.

بعباره أخرى، من الواضح من هم الذین أضاعوا واحده من أکبر الفرص الدبلوماسیه من خلال إثاره قضیه "شتاء قارس"، وممارسه الضغوط على الحکومه لتأجیل الاتفاق أو تقدیم طلبات معینه.

وقد وصل الأمر إلى حدٍّ تم فیه استهداف المنشآت النوویه الإیرانیه، والآن آلیه الزناد على وشک أن تدخل حیز التنفیذ، کما یُقال.

أضاف فلاحت بیشه: أرید أن أقول بصوره شامله إن الدبلوماسیین فی إیران یقاتلون على جبهتین؛ الجبهه الأولى ضد الدول الغربیه التی تتصرف بخبث شدید ونقضت عهودها، والجبهه الثانیه فی الداخل ضد أولئک الذین مهّدوا الطریق أمام خبث تلک الدول، سواء کانت أمریکا أو أوروبا. أعتقد أن المتطرفین فی الداخل وناقضی العهود فی الخارج کانوا بمثابه وجهین لعمله واحده، وقد أحرقوا فعلیاً العدید من الفرص الوطنیه، وأدخلوا البلاد فی أتون الحروب، والآن أیضاً وضعوا إیران على حافه تفعیل آلیه الزناد.

أرید أن أذکر مثالاً حدیثاً: بعد یوم واحد فقط من تهدید باستخدام الطائرات المسیره ضد أوروبا عبر الإعلام الرسمی، صرّح بعض المسؤولین الأوروبیین فوراً بنیتهم تفعیل آلیه الزناد. للأسف، لا أرى هذه الأمور مصادفه، وأعتقد أن بعض التیارات المتطرفه، عن وعی أو عن غیر وعی، تعمل فی خدمه فتنه تستهدف بلادنا.

على کل حال، هذه الفتنه أدت إلى عده نتائج. أولى نتائجها هی جعل الدبلوماسیه والاتفاق والتفاوض أموراً عالیه الکلفه، وقد تحقق ذلک فی الغالب من خلال الأکاذیب. لقد رأینا عندما تم توقیع الاتفاق النووی (برجام)، أن بعض الأشخاص الذین لا یزالون فی مواقع المسؤولیه الیوم، أطلقوا أکاذیب جعلت من الاتفاق خیانه وطنیه فی نظر البعض. ومن بین الأکاذیب الکبرى التی قیلت آنذاک، الادعاء بأن الحکومه قبلت، کملحق من ملاحق الاتفاق، تسلیم أکثر من ثلاثین من قاده الحرس الثوری الإیرانی إلى الولایات المتحده لتصفیتهم.

وتابع فلاحت‌بیشه: بهذه الأکاذیب الکبیره، تمکّن بعض الأشخاص من الوصول إلى مناصب ومواقع علیا. ولکننا رأینا فی النهایه أن الحرب هی التی استهدفت قاده البلاد واستشهدوا فیها، ولیس التفاوض! ومع ذلک، لا یزال أولئک الأشخاص یواصلون الکذب والمزایده. لقد جعلوا من التفاوض عبئاً حتى ترتجف أیدی الدبلوماسیین، فلا یتم التوصل إلى أی اتفاق. وهناک تیار آخر، یتمثل فی من أسّسوا للتطرف، أو فی بعض الحالات، قنّنوه. بعض المسؤولین أصدروا قوانین واتخذوا خطوات ألغت عملیاً إمکانیه التوصل إلى أی اتفاق. وبهذا الفعل، شُلّت ید الدبلوماسیین، وضاعت فرص الدبلوماسیه، ولم یبقَ أمام البلاد سوى خیار الحرب.

وأکّد أستاذ العلوم السیاسیه فی جامعه العلامه طباطبائی: النقطه الثالثه، للأسف، هی انعدام البصیره والجهل السیاسی لدى بعض المسؤولین، الذین لم یقیّموا ما حدث بعد السابع من أکتوبر کفتنه. فی حین أننی، ومنذ الساعه الثامنه من صباح السابع من أکتوبر، صرّحت بأن ما یحدث هو فتنه. وهدَف هذه الفتنه هو جرّ إیران والولایات المتحده إلى الحرب، ویقف على رأسها بنیامین نتنیاهو. منذ ذلک الحین، حذّرت من أن هذه التطورات یجب أن تُفهم کفتنه، ویجب حمایه البلاد منها. لکن للأسف، التیارات المتطرفه دفعت بالأحداث خطوهً تلو الأخرى نحو وضع أصبحت فیه إیران فی مرکز هذه الفتنه، وأصبحت البلاد متضرره. والآن، على الرغم من أنّ البلاد تحملت أعباء الحرب، فإنها أیضاً مهدده بتفعیل آلیه الزناد.

وتابع هذا النائب السابق فی مجلس الشورى الإسلامی: فی هذه اللحظه، أوجّه کلامی إلى حکومه السید مسعود پزشکیان، وأقول إن علیهم أن یتعاملوا مع الوضع کفتنه، ویسعوا إلى إنقاذ البلاد منها. برأیی، أحد أکبر نقاط ضعف حکومه پزشکیان هو أنه، على الرغم من وصوله إلى السلطه على خلفیه وعود بتقلیل التوتر، فقد سلّم الساحه للمتطرفین. جاء السید پزشکیان إلى الحکم فی وقت کان فیه الناس قد سئموا من العقوبات والتهدید، وکانوا یتطلعون إلى نزع فتیل الأزمات. لکن بمجرد فوزه، سلّم المشهد للمتطرفین. لا بل إنه عیّنهم فی مناصب حکومیه متعدده، وفشل حتى فی استغلال الطاقه التی اکتسبها من فوزه الانتخابی لإطلاق دبلوماسیه إقلیمیه شامله.

على کل حال، رأینا کیف أن السید پزشکیان وعباس عراقجی رفعوا شعارات مشابهه لشعارات المتطرفین لکی یحصلوا على ثقه البرلمان. ولهذا، رغم أن حکومه پزشکیان وفریقه أطلقوا أکبر عدد من التصریحات فی مجال السیاسه الخارجیه، إلا أنهم لم یقدّموا أی خطه دبلوماسیه عملیه للخروج من الأزمات الحالیه.

وختم الدکتور فلاحت‌بیشه بالقول: أعتقد أن السید پزشکیان یجب أن یدرک أنه یواجه فتنه. للأسف، جزء من هذه الفتنه یصنعها المتطرفون فی الداخل الذین أحرقوا فرص الدبلوماسیه وأجبروا حکومه پزشکیان على التراجع بحیث لم یتمکن من إحداث أی تغییر فی السیاسه الخارجیه. علیه أن یُحبط هذه الفتنه المزدوجه، الداخلیه والخارجیه، ویقود البلاد إلى برّ الأمان فی هذا المنعطف الحرج.