ساعدنیوز: صاروخ "سجّیل" الإیرانی، القادر على الوصول إلى تل أبیب خلال 7 إلى 10 دقائق فقط، یثیر اهتماماً عالمیاً مع تحذیرات الخبراء من قدرته على تجاوز أحدث منظومات الدفاع الإسرائیلیه. ویرى محللون أنه قد یشکّل تحولاً کبیراً فی میزان القوى بالشرق الأوسط.
عاد صاروخ "سجّیل" البالیستی الإیرانی إلى صداره النقاشات حول میزان القوى العسکری فی الشرق الأوسط. ویرى خبراء عسکریون أن هذا الصاروخ العامل بالوقود الصلب والمکوَّن من مرحلتین یُعتبر من أکثر خیارات إیران موثوقیه وقوه فی حال اندلاع مواجهه مباشره مع إسرائیل. بمدى یصل إلى 2000 کیلومتر وسرعه تسمح له بالوصول إلى تل أبیب خلال أقل من 10 دقائق، یُنظر إلى سجّیل لیس فقط کسلاح، بل کرساله استراتیجیه بحد ذاتها.
ما یجعل سجّیل ممیزاً هو تصمیمه. فعلى عکس صواریخ "شهاب" التی تعتمد على الوقود السائل وتحتاج وقتاً أطول للتحضیر، یعتمد سجّیل على الوقود الصلب، ما یمنحه سرعه فی الإطلاق، قدره على الحرکه، وصعوبه فی استهدافه قبل الإطلاق. ویمکن إطلاقه من منصات متحرکه أو صوامع تحت الأرض، مما یعقّد عملیه رصده وتحییده.
یتألف الصاروخ من ثلاثه أجزاء رئیسیه: البلوک الأول، البلوک الثانی، والرأس الحربی. ویزن أکثر من 23 طناً، بطول 18 متراً وقطر 1.25 متر، ویحمل رأساً حربیاً یزن 650 کغم. أما سرعته عند العوده إلى الغلاف الجوی فتُقدّر بـ ماخ 13، ما یجعل اعتراضه بواسطه أنظمه الدفاع الصاروخی أمراً شبه مستحیل.
اعتمدت إسرائیل طویلاً على منظوماتها الدفاعیه متعدده الطبقات، بما فی ذلک بطاریات "باتریوت" الأمیرکیه ونظام السهم-3 المطوَّر محلیاً. ورغم أن هذه الأنظمه صُمّمت للتصدی للتهدیدات البالیستیه، یؤکد خبراء أن سرعه سجّیل وقدرته على المناوره ونظامه التوجیهی المتطور قد تجعل هذه المنظومات عاجزه عن إیقافه.
أما النسخه المطوَّره، "سجّیل-2"، فقد زُوّدت بأنظمه ملاحه دقیقه وأجهزه استشعار متقدمه رفعت من دقته لتصبح أقل من 10 أمتار. ویُعتقد أنه یستخدم مزیجاً من التوجیه بالقصور الذاتی وتقنیه GPS، ما یجعله من أکثر الأسلحه دقه فی الترسانه الإیرانیه.
لا یقتصر تطویر سجّیل على البعد العسکری فقط، بل یحمل أبعاداً سیاسیه ونفسیه عمیقه. فمجرد وقوع إسرائیل ضمن مداه الفعّال یغیّر حسابات الأمن فی المنطقه. ومع صاروخ قادر على تجاوز أقوى منظومات الدفاع وضرب أهم المدن الإسرائیلیه، تثبت إیران قدرتها على الردع والاستعداد الهجومی فی آن واحد.
کما أن توقیت تجدد النقاش حول سجّیل لیس عابراً. فمع تصاعد التوتر بین طهران وتل أبیب، یشکّل الصاروخ رساله بأن أی مواجهه ستکون مکلفه للغایه. وبالنسبه لإیران، فإن إبراز قدراتها الصاروخیه هو أیضاً وسیله للتصدی للضغوط الدولیه وإظهار أن العقوبات لم تُعِق تقدمها الدفاعی.
بینما تواصل بعض الدول الاعتماد على صواریخ الوقود السائل، فإن استثمار إیران فی تکنولوجیا الوقود الصلب یضعها فی موقع متقدم. فالوقود الصلب یوفّر سهوله التخزین، سرعه الإطلاق، وتقلیل التحدیات اللوجستیه. وهذا یتماشى مع التوجه العالمی حیث تفضّل القوى الکبرى مثل الولایات المتحده وروسیا والصین الصواریخ العامله بالوقود الصلب لأسلحتها الاستراتیجیه.
قدره سجّیل على التحلیق خارج الغلاف الجوی ثم العوده بسرعات هائله تجعله مشابهاً من حیث المفهوم للصواریخ البالیستیه العابره للقارات، رغم مداه الأقصر. ما یثیر التساؤلات حول إمکانیه تطویره مستقبلاً لیصل إلى أهداف أبعد من الشرق الأوسط عبر تعدیلات إضافیه.
یُمثّل صاروخ سجّیل أکثر من مجرد قطعه سلاح؛ إنه تجسید للنهج الاستراتیجی الإیرانی فی الردع وإثبات القوه. قدرته على الوصول إلى إسرائیل خلال دقائق، وتجاوز الدفاعات المتطوره، وضرب أهدافه بدقه متناهیه تجعله أحد أخطر الأسلحه فی الشرق الأوسط الیوم.
ومع استمرار التوترات، یبقى السؤال الأبرز: إذا أُطلق سجّیل فی معرکه فعلیه، هل ستصمد الدرع الدفاعیه الإسرائیلیه المزعومه؟ أم أن الصاروخ سیعید تعریف طبیعه الحروب فی المنطقه؟
