ساعدنیوز: فی مقال له بصحیفه اعتماد، یؤکد أصغر میرفردی أن إیران تواجه ظروفاً مشابهه لأزمات 1941 و1953، محذراً من أن الصراعات الداخلیه وهجمات المتشددین ورفض الدبلوماسیه تهدد أمن البلاد ووحدتها وبقاءها.
"الأولویه هی الحفاظ على إیران" هو عنوان مقال أصغر میرفردی فی صحیفه اعتماد، جاء فیه:
یمکن القول بحق إن البلاد تعیش وضعاً استثنائیاً، فهی عسکریاً تشبه سبتمبر 1941 ومن حیث الخلافات والتحدیات البنیویه تشبه أغسطس 1953. وفی مثل هذه الظروف الصعبه، حیث الاقتصاد ومعیشه الناس فی حاله سیئه بل أشبه بالبرزخ، دخلت بعض التیارات المتشدده فی مواجهه مع الحکومه وأنصارها، متجاهله هذه الأوضاع التی جعلت الحیاه مره للناس وأفقدت المستقبل الاقتصادی وضوحه. وقد أدخلوا الشتائم والاتهامات بأشد صورها فی خطابهم السیاسی، من تشبیه الناس بالماشیه إلى مقارنتهم بشخصیات مثیره للجدل فی صدر الإسلام، بل وتهدید الرئیس بالاستجواب. وهذه الممارسات تُنشر بحماسه حتى من الإعلام «الوطنی». فهل هذا زمن إثاره الأزمات والتخریب؟
هل مشکله المجتمع الیوم تکمن فی المسؤولین الحالیین والسابقین، أم فی الأزمات الکبرى التی تهدد وحده البلاد الترابیه وتستهدف أمن الإیرانیین ومعیشتهم؟ وهل الذین یثیرون هذه «الضوضاء» حقاً یحملون همّ إیران، أم أنهم قلقون فقط على بعض المقاعد المفقوده فی مائده السلطه؟ فی الوضع الراهن، أولویه هذا التیار أو ذاک فی السلطه لا تهم؛ المهم هو إخراج البلاد من أزمه تهدد أمنها ووحدتها. لکن شهوه السلطه لدى بعض الأفراد والجماعات جعلتهم عاجزین عن إدراک ذلک أو التفکیر فیه. وما یسمى «الحکومه الظل» وحلفاؤها الفکریون کانوا دائماً جزءاً من هیاکل السلطه وصناعه القرار فی إیران، ولا یمکن تحلیل الوضع الراهن دون تحمیلهم نصیبهم من المسؤولیه.
هذه الأیام، ومع تجاهل الظروف الحرجه الراهنه، ودون تقییم عادل لدورهم فی صناعه القرار خلال العقدین الماضیین، یصفون کلمتی «التفاوض» و«التعامل» بأنهما مشؤومتان وملعونتان. ومع هذه النظره للدبلوماسیه، ومع اتهام وشتم المؤمنین بضروره خفض التوتر، لا یقدمون بدیلاً. ومن البدیهی أن استبعاد التفاوض فی أی خلاف یؤدی إلى الصراع والحرب. ولا یخفى أنهم فی بعض الحالات یرفعون شعارات المواجهه العسکریه مع أمیرکا والغرب من دون اعتبار لما ستجلبه مثل هذه المواجهات لبلادنا.
التیار المتشدد یرى أنه عندما لا یحظى بدعم الشعب حتى فی انتخابات ضعیفه المشارکه، یمکنه فرض إرادته وأفکاره على المجتمع بطرق غیر مألوفه، حتى لو أدت هذه الأفکار إلى «تطهیر داخلی» فی المجتمع أو جر البلاد إلى مواجهه مع دول أخرى. وأهم قاعده فی العمل السیاسی على الساحه الدولیه هی التعرف الواقعی على ظروف الذات واللاعبین الآخرین. فإذا غابت هذه النظره، یسقط المجتمع فی أفکار آخرالزمان بمصائر مجهوله، مصائر صفریه. ومن الواضح أن بلداً مثل بلدنا، الذی لا یملک حتى حلیفاً صادقاً وحقیقیاً واحداً فی نزاعاته الدولیه، سیتضرر بشده من مثل هذا السیناریو.
والتمسک بالقوى الشرقیه التی لم تقدم أی مساعده لإیران فی الحرب الأخیره، وتدمیر الفاعلین المحلیین، وتعمیق الانقسام السیاسی والاجتماعی الداخلی، یمثل أسوأ سیناریو یمکن تخیله، لکنه فی الواقع یحدث فی بلادنا ویستمر بقوه.
ولو کان الفاعلون المتشددون حقاً یهتمون بمصیر هذه الأرض والحفاظ على وحدتها، لما جعلوا مصیرها ثمناً للمنافسات السیاسیه والسعی وراء مزید من السلطه. مثل هذا المناخ المتوتر داخلیاً، وفی هذه الظروف الخاصه، یزید الشکوک فی صدق وطبیعه بعض القوى السیاسیه، ویضعف بشده الوحده الوطنیه فی مواجهه الأزمه.