رساله عراقجی إلى مجلس الأمن والأمین العام بشأن تفسیر الترویکا الأوروبیه لآلیه حلّ النزاعات فی الاتفاق النووی (خطه العمل الشامله المشترکه)

وبحسب ساعد نیوز نقلاً عن وکاله «إسنا»؛ فإن نص رساله السید عباس عراقجی على النحو التالی: «أُعالج بموجب هذه الرساله بعض الادعاءات الباطله الوارده فی الرساله المؤرخه فی 8 أغسطس 2025 الموجهه من وزراء خارجیه فرنسا وألمانیا والمملکه المتحده (ویُشار إلیهم فیما بعد بالترویکا) بشأن القضایا المتعلقه بخطه العمل الشامله المشترکه (الاتفاق النووی) وقرار مجلس الأمن 2231 (2015).
الرساله المذکوره، عبر تحریف الحقائق، تُشکل محاوله جدیده لتمهید الطریق أمام مسارین من الإجراءات، کلاهما غیر مشروع، ویؤسسان لسابقه خطیره فی تقویض مصداقیه ووحده مجلس الأمن وقراراته.
من الجدیر التأکید مجدداً أن مثل هذا السلوک لا یمکن بأی حال أن یُبرر بالاستناد إلى الإجراءات التعویضیه المشروعه والقانونیه تماماً التی اتخذتها الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه، والتی نُفذت تدریجیاً وبشکل متناسب، وفی کمال الانسجام مع الإجراءات والحقوق المنصوص علیها فی خطه العمل الشامله المشترکه. ومع ذلک، تکشف رساله الترویکا، بشکل ساخر وغیر مقصود، عن ثغرتین أساسیتین فی حجج الترویکا بشأن أی محاوله محتمله للجوء إلى ما یُسمى «العوده التلقائیه للعقوبات».

أ) ترتیب الأحداث ذو أهمیه. الترویکا، من خلال الادعاء الکاذب بأن «إیران لم تفعل آلیه تسویه النزاعات إلا فی یولیو 2020»، تسعى إلى إبطال إجراءات إیران التعویضیه، وتشویه تسلسل الأحداث، وإخفاء حقیقه أن الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه کانت قد فعّلت رسمیاً آلیه تسویه النزاعات فی رسالتها المؤرخه فی 10 مایو 2018. هذا الإعلان أدى إلى عقد اجتماعات اللجنه المشترکه وغیرها من الإجراءات المنصوص علیها لاستنفاد الآلیه بالکامل. کما أن إیران، بتاریخ 21 أغسطس 2018، وأثناء تأکیدها على اللجوء إلى الفقره 36، أوضحت صراحه أنها کانت قد «لجأت إلى آلیه تسویه النزاعات وفقاً للفقره 36 من الاتفاق النووی، وبموجب ذلک عقدت اللجنه المشترکه اجتماعات على مستوى المدراء السیاسیین ووزراء الخارجیه فی 25 مایو و6 یولیو 2018.»
ومن خلال إثاره قضیه تسلسل الأحداث، تُقرّ الترویکا ضمناً بأن ترتیب تفعیل آلیه تسویه النزاعات من قبل الأطراف المختلفه ذو أهمیه؛ وأن الإجراءات المتخذه بموجب الفقره 36 من الاتفاق النووی لا یمکن أن تُستخدم کتبریر لإجراءات مقابله من قبل الأطراف الأخرى. باختصار، حجج الترویکا نفسها تُقرّ بأن الإجراءات التعویضیه لا یمکن الاستناد إلیها ضد الإجراءات التعویضیه السابقه للطرف المقابل، وأن مثل هذا الاستناد غیر مقبول وغیر قابل للتطبیق.

ب) الادعاء الکاذب بشأن ضروره الاعتراف بتفعیل آلیه تسویه النزاعات. الترویکا، من خلال الادعاء الکاذب بأن «أی لجوء آخر إلى هذه الآلیه لم یُعترف به لا فی حینه ولا الیوم من قبل أعضاء الاتفاق النووی»، تسعى إلى الإیحاء بأن صلاحیه تفعیل آلیه تسویه النزاعات تتطلب إجماعاً من أعضاء الاتفاق. وبناءً على هذا المنطق ذاته، فإن محاوله الترویکا نفسها لتفعیل الآلیه أو العوده التلقائیه للعقوبات تفتقر إلى الصلاحیه، لأنها لم تُعترف بها صراحه من قبل بقیه أعضاء الاتفاق النووی.

إذا کان هناک حاله واحده فقط من تفعیل آلیه تسویه النزاعات یمکن اعتبارها صالحه ومعترفاً بها ومستنفده بالکامل، فهی تلک التی أطلقتها الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه فی 10 مایو 2018. هذا الإجراء أدى إلى عقد اجتماع استثنائی للجنه المشترکه فی 25 مایو 2018، واجتماع على مستوى وزراء الخارجیه فی 6 یولیو 2018، وکلاهما عُقد بناءً على طلب إیران. وفی أعقاب هذه الاجتماعات، أوضحت الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه فی عده مراسلات، منها الرسائل المؤرخه فی 21 أغسطس و6 نوفمبر 2018، وکذلک الرساله المؤرخه فی 7 أبریل 2019، أنها قد لجأت إلى الفقره 36 من الاتفاق النووی، وأنه فی حال استمرار إخلال الأطراف الأخرى بشکل جوهری، ستُمارس حقوقها و«ستوقف تدریجیاً، ووفقاً للجدول الزمنی المنصوص علیه، تنفیذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووی.»

إن رساله الترویکا فی الواقع تُبطل نفسها. فمحاولتهم لتفعیل آلیه تسویه النزاعات، والتی ترافقت مع استمرار إخلالهم بالتزاماتهم، تعنی «إجراء تعویضی فی مواجهه إجراء تعویضی»، وهو ما لم یُعترف به من جمیع أعضاء الاتفاق النووی، ولم یُستنفد بالکامل.

کما هو مفصّل فی الرساله المؤرخه فی 29 ینایر 2020 من وزیر خارجیه الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه آنذاک إلى منسق الاتفاق النووی (المرفقه هنا)، فإن إیران، وقبل وقت طویل من بدء إجراءاتها التعویضیه، کانت قد فعّلت آلیه تسویه النزاعات بشکل فعّال ورسمیاً، واستنفدتها بالکامل؛ وقد حدث ذلک فقط عندما تبیّن أن القضایا الناجمه عن انسحاب الولایات المتحده الأمریکیه من الاتفاق النووی وفرض عقوبات ضد إیران من قبل بقیه الأعضاء غیر قابله للتعویض.

أؤکد أن استناد الترویکا إلى آلیه تسویه النزاعات فی الاتفاق النووی عبر الإشاره إلى رسالتهم المؤرخه فی 14 ینایر 2020، کرد على إجراءات إیران التعویضیه منذ مایو 2019 فصاعداً، مضلل تماماً وغیر ذی صله. وکما أوضح فی مراسلات عده، فإن قرار الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه بوقف تنفیذ التزاماتها کان متوافقاً تماماً مع الحقوق المنصوص علیها فی الفقرتین 26 و36 من الاتفاق النووی، وکان رداً مشروعاً وقانونیاً على الانسحاب الأحادی للولایات المتحده الأمریکیه من الاتفاق النووی وإعاده فرض عقوباتها غیر القانونیه. وبالتالی، من غیر المنطقی تماماً أن تعتبر الترویکا قرارها بعدم تنفیذ التزاماتها أو محاولتها تفعیل العوده التلقائیه للعقوبات بمثابه رد فعل على الإجراءات التعویضیه المشروعه لإیران؛ تلک الإجراءات التی اتخذت بعد عام کامل من الانسحاب غیر القانونی للولایات المتحده الأمریکیه وإخفاق الاتحاد الأوروبی والترویکا فی تنفیذ التزاماتهم.»

لقد أبلغت الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه، بشکل صریح ورسمی وفی مناسبات متعدده، منسق اللجنه المشترکه لخطه العمل الشامله المشترکه، ومن خلاله بقیه الأعضاء، بأنها قد احتکمت إلى الفقره 36 من خطه العمل الشامله المشترکه وآلیه تسویه النزاعات المنصوص علیها فیها. وعلى وجه الخصوص، أوضحت إیران فی الرساله المؤرخه 29 کانون الثانی/ینایر 2020 أنها قد استنفدت بالکامل جمیع السبل المتوقعه فی الفقره 36. کما اعترف اجتماع اللجنه المشترکه على مستوى وزراء الخارجیه بتاریخ 6 تموز/یولیو 2018 بالقضایا التی أحالتها إیران إلى اللجنه المشترکه باعتبارها "قضایا غیر محلوله"، واعتمد لاحقاً مجموعه من الالتزامات بهذا الخصوص. ولا تزال هذه القضایا حتى الیوم "غیر محلوله"، ولم یتحقق أی نتیجه تلبی رضا إیران باعتبارها الطرف الشاکی. وهذه القضایا التی لا تزال غیر محلوله بالنسبه لإیران لا یمکن أن تشکّل أساساً لقرار الترویکا فی تفعیل آلیه إعاده فرض العقوبات تلقائیاً.

وجدیر بالذکر أن هذه الحقائق لا تمس بأی حال من الأحوال الحقوق الحصریه للجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه بموجب الفقره 26 من خطه العمل الشامله المشترکه؛ وهی فقره تنص صراحه على أن إیران "ستعتبر إعاده فرض أو إعاده تطبیق العقوبات سبباً لوقف تنفیذ التزاماتها بموجب هذه الخطه، کلیاً أو جزئیاً."

وعلى عکس السلوک المشوب بسوء النیه من قبل الترویکا، فإن الإجراءات التی اتخذتها الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه—والمنسجمه تماماً مع حقوقها بموجب الفقرتین 26 و36 من خطه العمل الشامله المشترکه—کانت تهدف إلى صیانه الاتفاق من خلال إلزام الأطراف بالوفاء، ولیس تقویضه. وقد قامت إیران بإبلاغات کافیه، وشارکت بحسن نیه فی اجتماعات متعدده للجنه المشترکه، وضبطت إجراءاتها بحیث تکون قابله للعوده عنها، واستمرت فی التفاعلات الدبلوماسیه بهدف إعاده التنفیذ الکامل للاتفاق من قبل جمیع الأطراف. إن تصویر الترویکا لهذه الإجراءات المشروعه على أنها "عدم تنفیذ للالتزامات" یتجاهل مسؤولیتهم هم فی استفزاز هذا الاحتکام المشروع.

ویجب أن تنتهی صلاحیه القرار 2231 فی "یوم الانقضاء."

وفی إطار سیاستها القائمه على استخدام آلیه إعاده فرض العقوبات التلقائیه کوسیله ضغط للحصول على تنازلات من الآخرین، طرحت الترویکا "اقتراحاً" لتمدید محدود لـ"الأحکام ذات الصله بالقرار 2231 لمجلس الأمن"، بشرط أن تلبی إیران بعض المطالب. ومع ذلک، فإن الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه تعتقد اعتقاداً راسخاً بأن القرار 2231 یجب أن ینتهی وفق الجدول الزمنی المنصوص علیه فیه. وأی محاوله أخرى، مخالفه للحقائق ومتجاهله للهدف النهائی للقرار، ستؤدی إلى إیجاد سابقه غیر سلیمه فی عمل مجلس الأمن وتعمیق الانقسامات داخل المجلس. ومن الواضح أنه فی مثل هذا السیناریو غیر المیمون، سترد الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه بحزم وبطریقه متناسبه، مع مراعاه مصالحها الوطنیه العلیا.

وتدعو الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه مجلس الأمن إلى الالتزام الکامل بالجداول الزمنیه الملزمه المنصوص علیها فی القرار 2231، بحیث تنتهی أحکامه وفق ما هو متوقع، وبذلک یُمهد الطریق لاستئناف التفاعلات الدبلوماسیه فی مناخ أکثر بنّاءً وخالیاً من الإکراه والتهدید.

إیران ترحب دائماً بالدبلوماسیه

إن الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه تؤمن إیماناً راسخاً بأن الدبلوماسیه ما تزال المسار الأکثر فاعلیه وکفاءه لحل النزاعات. وکما تم التأکید علیه فی اجتماع نواب وزراء خارجیه إیران مع المدراء السیاسیین للاتحاد الأوروبی والترویکا بتاریخ 25 تموز/یولیو فی إسطنبول، فإن الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه تجدد التزامها بالتفاعل الدبلوماسی البنّاء بهدف التوصل إلى اتفاق جدید؛ اتفاق یحترم حقوق إیران بموجب معاهده حظر انتشار الأسلحه النوویه، ویعالج جمیع الهواجس المتبادله، بما فی ذلک العقوبات الجائره التی استهدفت معیشه ورفاهیه الشعب الإیرانی.

وندعو جمیع أعضاء مجلس الأمن إلى رفض المناورات السیاسیه غیر المشروعه، والعمل على صون وحده القانون الدولی ومرجعیه مجلس الأمن. إن المسار المستقبلی یکمن فی الاحترام المتبادل، لا فی الإکراه.

وسیکون موضع تقدیر لو تفضلتم بإعطاء التعلیمات لتسجیل هذه المراسله وتوزیعها کوثیقه من وثائق الجمعیه العامه ومجلس الأمن.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.