ساعدنیوز: أدى معارضه بعض الأشخاص للاحتفال بعطله غیر إیرانیه تُسمى "یوم الحب" کوسیله للتعبیر عن الحب، فی السنوات الأخیره، إلى تسلیط الضوء على الاحتفال بـ "سبندارمذگان". تتیح هذه المناسبه الإیرانیه لأولئک الذین یفضلون عدم الاحتفال بعطله غربیه تذکیر بعضهم البعض بمودتهم ضمن التقویم المحلی.
وفقًا لخدمه مجتمع “ساعد نیوز”، نقلاً عن صحیفه همشهری، هل یُعدّ سبندارمازغان، مثل عید الحب، مجرد احتفال بالحب والموده؟
فسّر حمیدرضا دالوند، عضو هیئه التدریس فی معهد أبحاث اللغویات التابع لمعهد العلوم الإنسانیه والثقافیه، أصل کلمه “سبندارمازغان”. المصطلح مشتق من الکلمه القدیمه “سبنتا أرمایتی”. الجزء الأول، “سبنتا”، یحمل مجموعه واسعه من المعانی، لکنه فی الزرادشتیه مرتبط بالبرکه والوفره والفاعلیه. أما الجزء الثانی، “أرمایتی”، فیعبّر عن مفاهیم مثل الهدوء واللطف والانسجام والصداقه والطمأنینه.

وأشار دالوند إلى أن “سبندارماد” هو أیضًا أحد السبعه “أمیشا سبنتا” — الکائنات الإلهیه فی الزرادشتیه التی تتعاون مع أهورامزدا. هذه الکائنات تجسد الفضائل الأساسیه، مثل الفکر الصالح والصدق، وتعمل کممثلین لأهورامزدا فی الخلق، موجهه البشر نحو البرّ والسعاده. فی هذا السیاق، یُعدّ سبندارماد مبدأً إلهیًا تجریدیًا مؤنثًا مرتبطًا بالآلهه المادیه فی العقیده الزرادشتیه القدیمه.
صله النساء بالأرض
أوضح دالوند أنه وفقًا للمعتقدات الزرادشتیه، فإن سبندارماد هو حارس الأرض. فصفات الأرض الأساسیه—البرکه والسخاء والصبر—تلبی احتیاجات البشر المادیه، من المأوى إلى نمو النباتات. وبالتالی تُعتبر الأرض مصدر وفره وعنصرًا أمومیًا.
وأضاف أن النساء فی الثقافه الإیرانیه مرتبطات رمزیًا بـ “سبنتا أرمایتی” والأرض. وقال دالوند: “المرأه تجسید رمزی للأرض، تجسد البرکه والصبر واستمراریه الأجیال والحیاه نفسها. فی الثقافه الإیرانیه، تشکل النساء العمود العاطفی للأسره. تمامًا کما تنشأ التحدیات فی التربه وتُحل، تُثار مشاکل الأسره وتُحل برعایه النساء.”
الحب من خلال قوه العطاء
وفقًا لدالوند، تعتقد المعتقدات القدیمه أن البشر مکلفون بالنصر للخیر على الشر، ما یمنحهم القدره على الخلق والعطاء، وهو ما یُعدّ تجسیدًا للحب، المرتبط intrinsically برعایه الآخرین. فی التقالید الإیرانیه، عندما تُکوَّن الأسر، یشارک الناس ثرواتهم ومعارفهم وشبابهم وطاقتهم مع بعضهم البعض ومع أطفالهم دون توقع مقابل.

وأوضح: “هذا العطاء الأمومی یحوّل النساء إلى کائنات غیر أنانیه، تمامًا مثل الأرض. هذا العطاء لیس نابعًا عن حاجه، بل عن القدره، وهو تعبیر حقیقی عن الحب. فی المعتقد الإیرانی، من یسعى إلى الکمال یجب أن یبدع ویعطی؛ ومن خلال ذلک یصبح قادرًا على الحب، الذی یمکن أن یؤدی إلى الخلود. الحب لیس مجرد رغبه أو نظره عاطفیه، بل هو تفانٍ إنسانی عمیق تجاه الوجود ذاته.”
تکریم النساء فی مهرجان ‘مردگیران’
وأشار دالوند إلى أن هذا المهرجان ما زال موجودًا فی التقویم الزرادشتی. تاریخیًا، کان الإیرانیون یحتفلون بسبندارمازغان—الیوم الخامس من شهر إیسفند فی التقویم الإیرانی القدیم—بتقدیم الهدایا للنساء. واستمر هذا التقلید، المعروف باسم مردگیران أو موردگیران، حتى بعد ظهور الإسلام فی القرن الرابع الهجری، مؤکدًا الاحترام والقیمه الممنوحه للنساء. وقال: “المرأه هی رباط کتاب الحیاه؛ الرجل هو الغلاف، والأطفال هم الصفحات. بدون الرباط، لا وجود للکتاب.”

سبندارمازغان: احتفال ذو فلسفه عمیقه
شدد دالوند على أن سبندارمازغان یظل مناسبه ذات صله الیوم، متمیزه عن عید الحب الذی یرکز على تعبیرات سطحیه عن الحب. فالسبندارمازغان متعدد الأبعاد، ویکمن أحد معانیه الجوهریه فی تکریم الحب بطریقه فلسفیه عمیقه تتجاوز المظاهر الدنیویه.
وفیما یتعلق بتباین تواریخ المهرجان فی المصادر—إما الیوم الخامس من إیسفند أو التاسع والعشرین من بهمن—شرح دالوند: “فی الزرادشتیه، یرتبط کل یوم من أیام الشهر بإله، ویُحتفل بمهرجان عندما یتطابق اسم الیوم مع اسم الشهر. ومع ذلک، بعد العصر البهلوفی، أدت إصلاحات التقویم—التی جعلت سته أشهر من 31 یومًا وسته أشهر من 30 یومًا—إلى تحویل التاریخ إلى التاسع والعشرین من بهمن.”