ساعدنیوز: أکد الوزیر اللبنانی السابق، الدکتور عدنان منصور أن نزع السلاح لا یمکن أن یتم بالأمر السهل، والمقاومه لا تستطیع أن تنزع سلاحها لتسلم رقبتها إلى العدو الصهیونی.
وکاله ساعدنیوز_ ورده سعد: لبنان یقف أمام منعطف خطیر. جلسه الخامس من أیلول لن تکون جلسه عادیه، بل محطه مفصلیه فی مسار الدوله وعلاقتها مع المقاومه، وأیضًا مع أهل المقاومه والشارع الذی یؤید المقاومه،
سیما أن مشروع "إسرائیل" الکبرى هو لیس فقط سحب سلاح المقاومه فی لبنان، بل فی الوطن العربی کرمى لعیون هذا الکیان المؤقت...
وقد تحدث أحد المواقع عن خطه ترامب لإنشاء منطقه اقتصادیه فی جنوب لبنان، وبالطبع الولایات المتحده لن تفعل هذا من أجل لبنان، ولن تأتی من خلف البحار، بل لتفکک البلد وتسرق ثرواته، متغاضیه، لا بل داعمه لجرائم الکیان المؤقت الذی یغتال یومیاً المواطنین ویعتدی على لبنان، فی ظل کلام السیناتور الجمهوری لیندسی غراهام: "حان الوقت لإنهاء وجود حزب الله".
لذا فإن الجلسه الحکومیه القادمه حساسه وخطیره، وکما قال رئیس مجلس النواب اللبنانی نبیه بری: "نرفض التهدید، وضرب المیثاقیه، واستباحه الدستور، والقفز فوق البیان الدستوری ووقف النار، الذی یمثل الإطار التنفیذی"، مؤکداً: "لسنا إلا دعاه وحده وتعاون کما تعاونا على إنجاز استحقاقات أساسیه بینها تشکیل الحکومه".
حول هذه العناوین وغیرها، أجرت مراسلتنا، الأستاذه ورده سعد، حواراً صحفیا مع معالی الوزیر السابق الدکتور عدنان منصور. وجاء نص الحوار على النحو التالی:
فی الذکرى السابعه والأربعین لجریمه اختطاف الإمام السید موسى الصدر وأخویه، ألقى دوله الرئیس نبیه بری خطابًا، مما جاء فیه: "منفتحون لمناقشه سلاح المقاومه الذی هو شرفنا وهو عزنا، وذلک تحت خطاب هادئ". کیف تقرأون خطاب الرئیس بری؟ ألا تعتبرون أن المرحله الحالیه تتطلب حسمًا، لا خطابًا هادئًا؟
فی الخطاب الذی ألقاه رئیس مجلس النواب اللبنانی نبیه بری، فی الذکرى السابعه والأربعین لجریمه اختطاف الإمام السید موسى الصدر وأخویه، قال فیه إننا منفتحون لمناقشه سلاح المقاومه، الذی هو شرفنا وعزنا، وذلک تحت خطاب هادئ. من المؤکد أن الرئیس نبیه بری، الذی له مکانه خاصه فی لبنان، وهو بمثابه حجر العقد للبیت اللبنانی، یعرف جیدًا خفایا الأمور، ویعرف جیدًا حساسیه الوضع الداخلی فی لبنان، خاصه بعد التراشق الإعلامی بین الأطراف السیاسیه المختلفه، وهناک جهات تقف إلى جانب المشروع الأمیرکی من أجل نزع سلاح المقاومه.
إذًا، الرئیس نبیه بری کان واضحًا، وعندما تحفظ على الورقه الأمیرکیه أو عملیه سحب السلاح من المقاومه، وهو القرار الذی اتخذته الحکومه اللبنانیه بموجب طلب أمیرکی – وهذا معروف جدًا – هذا الأمر خطیر جدًا على اعتبار أنه لا یمکن نزع سلاح المقاومه، والذی یعتبره الرئیس بری شرف الشعب اللبنانی وعزته. کیف یمکن سحب سلاح المقاومه وهناک أرض محتله من قبل العدو الصهیونی، وهذا الاحتلال لم یتوقف، وهو مستمر فی الوقت الحاضر؟ إذًا، لیس هناک من دوله فی العالم تتعرض للاحتلال ویوجد على أرضها محتل، وتسلّم سلاحها وکأنها تستسلم وتقول: "افعل ما تشاء فی أرضنا وفی وطننا". هذا الأمر غیر مقبول، خاصه وأن الشعب اللبنانی دفع الثمن الغالی من أجل تحریر أرضه من خلال مواجهه العدو الإسرائیلی فی کل اعتداءاته.
هناک ما یدور فی لبنان، وهو أننا فعلاً نرید مناقشه سلاح المقاومه، فلیکن فی ظل خطاب هادئ، على أساس أن الأفرقاء یتبادلون الأفکار بموضوعیه وبوطنیه عالیه، من أجل التوصل إلى قواسم مشترکه، واتخاذ القرار الذی یضمن وحده لبنان، ویضمن حقوق شعب لبنان، ویضمن سیاده لبنان...
هذا الأمر لم یحصل حتى الآن، فکیف یمکن للبنان أن ینتزع سلاح المقاومه، وهناک تهدید متواصل وعملیات عسکریه یومیه، من خلال تسییر المسیرات، وأیضًا القیام بعملیات اغتیال، ومنع أبناء الشعب اللبنانی من العوده إلى قراهم فی جنوب لبنان؟ وإذا ما عاد إلى بناء ما تهدم، نجد أن المسیرات الإسرائیلیه تقصفه على الدوام وتلحق الموت بهم...
عندما تم الاتفاق على وقف إطلاق النار فی 27 نوفمبر من العام الماضی، نجد أن لبنان التزم بوقف إطلاق النار، ولم یطلق رصاصه على إسرائیل، بینما بالمقابل، إسرائیل استمرت ولا تزال حتى الیوم، وقد وصل عدد خروقاتها إلى أکثر من أربعه آلاف خرق، وألحقت الموت بأکثر من 260 شهیدًا، بالإضافه إلى أکثر من 1500 جریح.
هذا هو ما یریده الرئیس بری، وهذا هو موقفه: موقف حازم، موقف لا یتخلى عن هذا السلاح. لذلک، بهذه العباره التی قالها، یرید أن یؤکد للجمیع – للولایات المتحده، ولإسرائیل، وللعالم – أنه لیس بالأمر السهل نزع السلاح طالما أن العدو الإسرائیلی یحتل أرضنا.
لذلک، لبنان یرید ضمانات، المقاومه ترید ضمانات. هل إذا ما تم نزع سلاح المقاومه، هل ستقف إسرائیل مکتوفه الأیدی، وهی التی لها أطماع متواصله بالأراضی اللبنانیه وبالمیاه اللبنانیه، وهی التی أعربت مرارًا على لسان مسؤولیها أنها فعلاً تتطلع إلى توسیع حدودها خارج فلسطین المحتله؟
هجوم دبلوماسی وسیاسی کاسح تعرض له لبنان فی الأسبوع الماضی، من قبل عدد من رجال الکونغرس والموفدین، بالإضافه إلى مستشارین وتقنیین لم یظهروا فی الصوره. ما هی الدلاله الأساسیه لهذا الاهتمام والانشغال الأمیرکی بلبنان؟ وهل یعنی ذلک أن لبنان انتقل فعلاً إلى الضفه الأمیرکیه فی الاصطفافات الإقلیمیه والصراعات القائمه فی المنطقه؟
المبعوثون الأمیرکیون والسیاسیون الذین أتوا إلى لبنان، إن کان المبعوث من الخارجیه الأمیرکیه، أو من قبل أعضاء فی الکونغرس الأمیرکی، مجیئهم إلى لبنان یرکز على نقطه أساسیه واحده، وهی نزع سلاح المقاومه.
هذا ما تریده الولایات المتحده من لبنان، وما تریده من الحکومه اللبنانیه، لأنها تعلم جیدًا أنه إذا ما انتُزع سلاح المقاومه، یصبح الأمر سهلًا لأخذ لبنان إلى الموقع الذی تریده الولایات المتحده، فیما یتعلق بالشرق الأوسط الجدید، وبترتیب أوضاع المنطقه حسب المصالح الأمیرکیه والإسرائیلیه.
لبنان، بکل تأکید، لن ینتقل إلى الاصطفافات الإقلیمیه والدولیه، ولن یکون لقمه سائغه بید الآخرین.
لذلک، کان الموقف اللبنانی: إن کانت الحکومه اللبنانیه قد وافقت على نزع سلاح المقاومه، فکیف سیتم نزع هذا السلاح؟ بالمبدأ، الولایات المتحده وإسرائیل تریدان نزع سلاح المقاومه، والحکومه اللبنانیه اتخذت قرارًا بهذا الشأن على أن تستمع إلى قیاده الجیش اللبنانی فی عملیه کیفیه نزع السلاح.
ولکن، عملیه نزع السلاح لا یمکن أن تتم بالأمر السهل، على اعتبار أن المقاومه، عندما ترفض تسلیم السلاح قبل الضمانات، التی یجب أن تتوفر للبنان، وهی القدره العسکریه للبنان فی مواجهه أی عدوان تشنه إسرائیل مستقبلاً.
وأیضًا، المقاومه لا تستطیع أن تنزع سلاحها لتسلّم رقبتها إلى العدو الصهیونی.
هنا، لا بد من إعاده النظر فیما یتعلق بکیفیه نزع سلاح المقاومه، لأن الدوله اللبنانیه إذا ما أرادت نزع السلاح بالقوه، فهذا یعنی إدخال لبنان فی حرب داخلیه، وأیضًا تمزیق النسیج الوطنی اللبنانی، وضرب الوحده الوطنیه، ووضع مستقبل لبنان وسیاده أرضه أمام منعطف خطیر، وإدخال لبنان فی نفق مظلم مجهول. وهذا ما تریده إسرائیل للبنان، ویریده من یدعم العدو الإسرائیلی."
الأجنده الأمیرکیه باتت واضحه، سواء فی ورقه باراک أو فی الخطاب الإعلامی الذی سمعناه عبر الوفود الأمیرکیه: سلموا السلاح وانتظروا مزاج نتنیاهو لیقرر ما یعطیکم! لا ضمانات أمیرکیه ولا احترام لأمن ومستقبل اللبنانیین! هل ترون أن هذه المواقف تستجیب لهواجس اللبنانیین؟ وهل سیواصل الفریق المتصهین محاکاه الموقف الأمیرکی والضغط على المقاومه؟
هم، الولایات المتحده، حتى المبعوثون الأمیرکیون الذین یعبرون عن السیاسه الأمیرکیه، لا یهمهم انسحاب إسرائیل من الأراضی اللبنانیه، وهم یغطّون ما تفعله إسرائیل یومیًا.
والدلیل على ذلک أن اللجنه الخماسیه، التی یرأسها أمیرکی، علیها أن تعمل على احترام وقف إطلاق النار، ونحن نجد أنه منذ تسعه أشهر وحتى الیوم، لم تقم الولایات المتحده بأی جهد، ولم تقم بأیه محاوله لإرغام إسرائیل على وقف إطلاق النار، وإسرائیل تقوم بحرب استنزاف ضد لبنان. ومن المعلوم أن حرب الاستنزاف تتم بین دولتین، ولکن للأسف، هذه الحرب تتم فقط من جانب إسرائیل، على مرأى من العالم، على الرغم من أن إسرائیل تنتهک الاتفاق الذی تم الاتفاق علیه فی العام الماضی.
الولایات المتحده، کما قلت، ترید نزع سلاح المقاومه بأی شکل من الأشکال،
وعندما یتحدث المسؤولون اللبنانیون: هل إن إسرائیل ستنسحب من الأراضی اللبنانیه المحتله؟ قالوها بالفم الملآن: لا ضمانات أمیرکیه، وإسرائیل تتصرف من تلقاء نفسها.
إذًا، هنا الخوف من أن تسلیم السلاح سیجعل لبنان تحت الاحتلال الإسرائیلی، طالما أن الولایات المتحده تقف إلى جانب إسرائیل فی کل ما تفعله، إن کان ذلک من خلال التعدیات، من خلال الاغتیالات، من خلال العملیات العسکریه، أو من خلال الاحتفاظ بالأراضی.
هذا یعنی أنهم یریدون من لبنان أن یستسلم دون قید أو شرط، وهذا أمر مستحیل، ولا یمکن للبنانیین، وخاصه المقاومه اللبنانیه، أن تسلم سلاحها على هذا الأساس.
کما وجدنا أن إسرائیل الیوم تقول إن القرى الأمامیه هی تحت السیطره العسکریه علیها، وهذا یعنی أنها لن تسمح لأی مواطن أن یعود لقریته، وهناک الخط الثانی وراء الخط الأول، وأیضًا ممنوع على اللبنانیین أن یعودوا إلى بلداتهم وإلى بیوتهم.
ماذا یعنی هذا؟
وضع هذا القطاع الجنوبی تحت الاحتلال الإسرائیلی، وفیما بعد، إسرائیل تضمه کما فعلت فی القدس الشرقیه وفی الجولان.
فی الجولان، احتلتها عام سبعه وستین، وبقیت فیها حتى عام واحد وثمانین، من سیطره عسکریه وإداریه علیها. عام 1981، اتخذ الکنیست الإسرائیلی قانونًا ضمّ الجولان إلى الدوله الإسرائیلیه.
أیضًا، عام 1981، ضمّت القدس الشرقیه إلیها، متجاوزه القوانین الدولیه، ومتجاوزه القرار المتخذ تجاه القدس الشرقیه عام 1948.
إذًا،سیطره إسرائیل على جزء من الأراضی اللبنانیه سیؤمّن لها مستقبلًا عملیه ضم، طالما أن هناک الأمیرکی إلى جانبها، ولیس هناک من قوه تستطیع أن تدافع عن أرضها.
إذًا، نحن أمام معضله کبیره، أمام مواجهه، لا بد من حق اللبنانیین أن یستعیدوا أرضهم، ومن حق اللبنانیین أن یقاوموا الاحتلال.
على إسرائیل، وعلى الولایات المتحده، أن یعرفا جیدًا أن اللبنانیین لن یتخلوا عن أرضهم، ولن یتخلوا عن مقاومتهم، طالما هناک عدوان إسرائیلی یهدد الأرض والشعب، وهناک احتلال، وهناک اعتداءات عسکریه یومیه على الأراضی اللبنانیه، وعلى اللبنانیین.
