ساعدنیوز: إن تجربه السبعینیات والثمانینیات لم تُمحى بعد من ذاکره الشعب اللبنانی. إن نزع سلاح حزب الله قد یکون بدایه فتره من عدم الاستقرار الداخلی أو حتى الحرب الأهلیه، لأن حزب الله لیس مجرد قوه عسکریه، بل له بُعد هویه وسیاسی ودینی.
وکاله ساعدنیوز: ان نزع سلاح حزب الله فی لبنان قضیه بالغه الأهمیه، سواء من منظور الأمن القومی اللبنانی أو من منظور الأمن الإقلیمی وإذا ما أُخذت مسأله نزع سلاح حزب الله فی الاعتبار دون مراعاه الواقع المیدانی والنهج العدوانی للکیان الصهیونی، فقد تکون لها عواقب وخیمه للغایه على لبنان، بل وحتى على المنطقه.
حزب الله هو القوه العسکریه اللبنانیه الوحیده التی لدیها خبره مباشره فی المواجهه العسکریه مع إسرائیل
وفی إشاره إلى العنصر الأول لمخاطر نزع سلاح حزب الله فی لبنان، اعتبر شکیبائی الخبیر فی شؤون غرب آسیا أن إحدى هذه الحالات تتمثل فی فقدان الردع فی لبنان والمنطقه ضد الکیان الصهیونی، مؤکدًا: "من أهم المخاطر إضعاف أو فقدان الردع ضد إسرائیل. حزب الله هو القوه العسکریه الوحیده فی لبنان التی لدیها خبره مباشره فی المواجهه العسکریه مع إسرائیل؛ وخاصهً فی حرب الـ 33 یومًا، والتی لا تزال آثارها ظاهره فی المعادلات الإقلیمیه".
وتابع: "بالإضافه إلى ترسانه متطوره من الصواریخ والطائرات المسیره، یتمتع حزب الله بحضور میدانی قوی فی جنوب لبنان وعلى طول الحدود المحتله. إن القضاء على هذه القوه الرادعه یُمهد الطریق عملیًا لعدوان محتمل من قبل الکیان الصهیونی على جنوب لبنان. وإذا لم یکن جنوب لبنان محتلًا حتى الیوم، فذلک بفضل وجود حزب الله الرادع". إذا نُزع سلاح حزب الله، ستواجه الحکومه والجیش اللبنانیان ضغوطًا أکبر.
وفی إشاره إلى العنصر الثانی من مخاطر نزع سلاح حزب الله فی لبنان، قیّم خبیر غرب آسیا العنصر الآخر بأنه تزاید فی الضغط على الحکومه والجیش اللبنانیین، وقال: إذا نُزع سلاح حزب الله، ستتعرض الحکومه والجیش اللبنانیان لمزید من الضغط من القوى الأجنبیه. ولن یأتی هذا الضغط من الکیان الصهیونی فحسب، بل قد تتدخل فیه أیضًا بعض الدول العربیه.
وأضاف: من ناحیه أخرى، لا یمتلک الجیش اللبنانی القدره ولا الخبره ولا الإمکانیات اللازمه لمواجهه التهدیدات الخارجیه؛ وسیکون هذا الجیش، بدون دعم شعبی وسیاسی، عرضه للغایه للضغوط الخارجیه. کما أن القضاء على حزب الله کممثل سیاسی وعسکری لطائفه واسعه من الشیعه اللبنانیین قد یُضعف الدعم الاجتماعی للجیش.
حزب الله لیس مجرد قوه عسکریه
وفی إشاره إلى العنصر الثالث من مخاطر نزع سلاح حزب الله فی لبنان، اعتبر شکیبائی أن أحد هذه المخاطر هو خطر عدم الاستقرار السیاسی والحرب الأهلیه، مؤکدًا: إن تجربه السبعینیات والثمانینیات لم تُمحى بعد من ذاکره الشعب اللبنانی. إن نزع سلاح حزب الله قد یکون بدایه فتره من عدم الاستقرار الداخلی أو حتى الحرب الأهلیه، لأن حزب الله لیس مجرد قوه عسکریه، بل له بُعد هویه وسیاسی ودینی.
وتابع: إن نزع سلاح هذه القوه یُعدّ عملیًا إقصاءً لفصیل مؤثر من البنیه السیاسیه للبلاد، ومن الطبیعی أن تتفاعل هذه الفصیله للحفاظ على مکانتها. کما أن مثل هذه الظروف تزید من احتمالیه الصراع المباشر بین الشعب والجیش. نزع سلاح حزب الله سیفتح الباب أمام تدخل الولایات المتحده وإسرائیل فی لبنان.
وتطرق خبیر الشؤون الدولیه إلى العنصر الرابع من مخاطر نزع سلاح حزب الله فی لبنان، قائلاً إن هذا العنصر الرابع هو تزاید نفوذ القوى الأجنبیه فی لبنان، مضیفاً: إن نزع سلاح حزب الله سیفتح الباب أمام الولایات المتحده وإسرائیل، وحتى بعض الدول العربیه، للتدخل فی السیاسه اللبنانیه. لطالما کان حزب الله أحد أهم العوائق أمام النفوذ الأجنبی فی لبنان، والقضاء علیه سیجعل لبنان أکثر عرضه للضغوط الخارجیه.
وتابع: من بین القضایا التی ستتأثر بشکل مباشر الانتخابات الرئاسیه، وانتخابات المجالس البلدیه، بالإضافه إلى القضایا المتعلقه بحقول النفط فی البحر الأبیض المتوسط. وقد أظهرت التجربه الأخیره لحقل کاریش النفطی أنه لو لم یتدخل حزب الله آنذاک، لکانت مصالح لبنان النفطیه قد ضاعت. سوریا مثال واضح على سیناریو فقدان الردع.
وفی إشاره إلى العنصر التالی فی مخاطر نزع سلاح حزب الله فی لبنان، اعتبر شکیبابی تکرار سیناریو سوریا واحتمالیه الاحتلال العسکری أمرًا بالغ الأهمیه فی هذه المنطقه، مؤکدًا: سوریا مثال واضح على سیناریو فقدان الردع. فبعد إضعاف البنیه المرکزیه، ستهاجم إسرائیل أی نقطه تریدها على الأراضی السوریه. ومن المرجح أن یتکرر هذا النمط فی لبنان أیضًا.
وأضاف: یحتل الکیان الصهیونی حالیًا أکثر من 13 نقطه فی جنوب لبنان. وإذا تم نزع سلاح حزب الله وخلصت إسرائیل إلى أنه لم یعد هناک أی رادع، فقد تشن هجمات عسکریه أوسع نطاقًا، أو تحتل المنطقه، أو حتى تدخل بیروت؛ على غرار ما حدث عام 1982.
نزع سلاح حزب الله سیُعرّض لبنان لمصیر سوریا
وتطرق الخبیر فی شؤون غرب آسیا إلى الجانب الآخر من مخاطر نزع سلاح حزب الله اللبنانی، معتبراً دخول الجماعات المتطرفه وبدایه فوضى طویله الأمد إحدى عواقب هذه القضیه، مؤکداً: فی غیاب قوه ردع، من الممکن أن تدخل جماعات متطرفه کجبهه الجولان أو ما شابهها، بدعم من جهات إقلیمیه أو عابره للحدود، الساحه وتدفع لبنان نحو انعدام الأمن، والحروب بالوکاله، أو حتى التفکک. وقد لوحظ اتجاه مماثل فی سوریا فی السنوات الأخیره، وآثاره المدمره واضحه تماماً.
وأضاف: بشکل عام، قد تکون لمحاوله نزع سلاح حزب الله، دون مراعاه للظروف الإقلیمیه، والواقع الداخلی اللبنانی، وتهدیدات الکیان الصهیونی، عواقب وخیمه: فقدان استقلال لبنان، وعدم الاستقرار الداخلی، وتزاید نفوذ القوى الأجنبیه، وحتى بدء حرب استنزاف أو احتلال عسکری.
وعلى الحکومه اللبنانیه اتخاذ قراراتها بناءً على المصالح الوطنیه، لا الضغوط الخارجیه. وختم شکیبائی بالقول: "کمراقبین وأصدقاء للشعب اللبنانی، ومع احترامنا لاستقلال هذا البلد، فإن توصیتنا هی أن یتم اتخاذ القرارات الأمنیه المهمه من خلال النظر إلى التجارب السابقه والمصالح الوطنیه والظروف المیدانیه الحقیقیه، ولیس على أساس الضغوط الخارجیه أو التوصیات الملقاه من الخارج".